شريحة نيورالينك الدماغية تعيد الصوت لمريض مصاب بالشلل بسبب التصلب الجانبي الضموري وتمنحه تحكمًا كاملاً بالكمبيوتر!

مصنف كـ News
Neuralink Implant
Neuralink Implant
Save and Share:

يقدّم لنا التقاطع بين البيولوجيا البشرية والتكنولوجيا المتقدمة لمحاتٍ عن مستقبل كان يقتصر في السابق على الخيال العلمي. تقف شركة نيورالينك (Neuralink)، وهي شركة التكنولوجيا العصبية التي أسسها إيلون ماسك، في طليعة هذا المجال، حيث تطور واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) التي تحمل في طياتها القدرة على إحداث ثورة في علاج الحالات العصبية. وفي حين أن التكنولوجيا لا تزال في مراحلها الأولى، فإن القصص الشخصية للمشاركين الأوائل في التجارب تقدم رؤى قوية حول تأثيرها. إحدى هذه الروايات المؤثرة تأتي من براد سميث (Brad Smith)، الذي شارك تجربته باعتباره الشخص الثالث، والأول المصاب بالتصلب الجانبي الضموري (ALS)، الذي يتلقى شريحة نيورالينك.

Neuralink Implant
شريحة نيورالينك

براد سميث: منظور رائد

في مقطع فيديو نُشر لشرح تجربته، يقدم براد سميث نفسه ليس فقط كمتلقٍ لشريحة نيورالينك، ولكن كأول شخص مصاب بالتصلب الجانبي الضموري (ALS) وأول شخص غير قادر على الكلام يشارك في التجربة. يشرح براد أن التصلب الجانبي الضموري هو مرض مدمر يدمر الخلايا العصبية الحركية تدريجياً، مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على العضلات مع ترك الوظائف المعرفية سليمة. بالنسبة لبراد، هذا يعني الاعتماد الكامل على جهاز التنفس الصناعي للتنفس وعدم القدرة على تحريك أي شيء سوى عينيه. وبالتالي، يعتمد التواصل كليًا على التكنولوجيا المساعدة.

Neuralink ALS Patient Bradford G Smith With His Family
برادفورد جي سميث، مريض التصلب الجانبي الضموري مع شريحة نيورالينك، برفقة عائلته

قبل نيورالينك، استخدم براد نظام تحكم بتتبع حركة العين. ورغم كونه “معجزة تكنولوجية” بحد ذاته، وجده محبطًا، مشيرًا إلى أنه يعمل بشكل أفضل في البيئات المظلمة، وشبه نفسه مازحًا بباتمان المحصور في كهف. ومع ذلك، فقد منحته شريحة نيورالينك حرية جديدة. ويسلط الضوء على قدرته على استخدام جهاز الكمبيوتر الخاص به بغض النظر عن ظروف الإضاءة، مما يسمح له بالخروج بحرية أكبر.

إن سرد براد نفسه هو شهادة على التقدم التكنولوجي – إنه صوته الأصلي، المستنسخ باستخدام الذكاء الاصطناعي من تسجيلات أُجريت قبل أن يسلبه التصلب الجانبي الضموري القدرة على الكلام. يستخدم واجهة الدماغ والحاسوب (BCI) من نيورالينك للتحكم في مؤشر الماوس على جهاز MacBook Pro الخاص به، مما يمكّنه من تحرير شهادة الفيديو – ربما يكون هذا أول فيديو يتم تحريره باستخدام واجهة دماغ وحاسوب على الإطلاق. هذا المستوى من التحكم يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في استعادة الاستقلالية الرقمية.

كيف تعمل نيورالينك: شرح براد

يقدم براد شرحًا واضحًا وسهل الفهم لكيفية عمل نظام نيورالينك بالنسبة له:

  1. الشريحة المزروعة: جهاز بحجم خمس قطع نقدية أمريكية من فئة الربع دولار مكدسة فوق بعضها، يُزرع في القشرة الحركية، وهي منطقة الدماغ التي تتحكم في الحركة. تضمن ذلك استبدال قطعة صغيرة من جمجمته.
  2. خيوط الأقطاب الكهربائية: يقوم روبوت جراحي بإدخال 1024 خيطًا فائق الدقة بدقة متناهية، يحتوي كل منها على أقطاب كهربائية، لبضعة ملليمترات في نسيج الدماغ، مع تجنب الأوعية الدموية بعناية لتقليل النزيف.
  3. التقاط البيانات: تكتشف هذه الأقطاب الكهربائية الإشارات الكهربائية (إطلاق الخلايا العصبية) المرتبطة بالحركات المقصودة، وتلتقط هذه البيانات كل 15 مللي ثانية. يصف براد البيانات الأولية بأنها تبدو مثل “المصفوفة (ذا ماتريكس)”.
  4. معالجة الإشارات: تنقل الشريحة هذه الكمية الهائلة من البيانات الأولية لاسلكيًا عبر البلوتوث إلى جهاز MacBook Pro متصل.
  5. فك التشفير بالذكاء الاصطناعي: تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة على الكمبيوتر بمعالجة الإشارات، وتمييز إشارات الحركة المقصودة للمستخدم عن الضوضاء الخلفية. والأهم من ذلك، يؤكد براد أن النظام يفك تشفير *نيته في تحريك* المؤشر، وليس أفكاره أو حواره الداخلي.
  6. التحكم بالمؤشر: تُترجم النية التي تم فك تشفيرها إلى حركة فورية لمؤشر الماوس على الشاشة.

التدريب وتجربة المستخدم

Neuralink Activity Monitoring
مراقبة نشاط نيورالينك

يتطلب جعل النظام بديهيًا تدريبًا ومعايرة:

  • التدريب الأولي: درّب براد النظام باستخدام لعبة بسيطة حيث يحرك المؤشر إلى “فقاعات” على الشاشة. تتطلب الفقاعات الصفراء التحويم فوقها، بينما تتطلب الفقاعات الزرقاء نقرة.
  • إيجاد التحكم المناسب: في البداية، حاول الفريق فك تشفير حركات اليد المقصودة، لكن هذا لم يكن فعالاً بالنسبة لبراد. من خلال التخطيط الدقيق لإشارات الدماغ ومحاولات الحركة، اكتشف مهندسو نيورالينك أن *حركات اللسان المقصودة* لبراد وفرت أفضل إشارة للتحكم في المؤشر، وأن *إطباق الفك* كان الأمثل للنقر. يشير براد إلى أن هذا التحكم يصبح لا شعوريًا بمرور الوقت، تمامًا مثل استخدام الماوس الفعلي.
  • مقياس الأداء (Webgrid): تستخدم نيورالينك اختبارًا يسمى Webgrid لقياس دقة وسرعة فك تشفير النية، ويُقاس بوحدة بت في الثانية (BPS). حقق براد درجة قصوى بلغت 5 بت في الثانية، وهو تحسن كبير مقارنة بأقل من 1 بت في الثانية التي كان يحققها باستخدام تقنية تتبع العين.
  • “الميكسر” (The Mixer): أداة برمجية تسمح بالضبط الدقيق:
    • تصحيح الانحياز: يضبط الانجراف الطبيعي في التحكم بالمؤشر الناتج عن إشارات الدماغ المتغيرة باستمرار – وهي ميزة تم تحسينها من خلال ملاحظات المستخدمين البشر، على عكس ما كان ممكنًا في التجارب السابقة على الحيوانات.
    • السرعة، الاحتكاك، التنعيم: تتحكم في مدى سرعة وسلاسة حركة المؤشر.
    • صلابة النقر: تضبط مدى تعمّد نية “النقر” المطلوبة.
  • أدوات التواصل:
    • لوحة مفاتيح نيورالينك: لوحة مفاتيح افتراضية محسّنة للاستخدام مع واجهة الدماغ والحاسوب (BCI)، تتضمن النص التنبؤي.
    • لوحات مفاتيح مخصصة: يستخدم براد لوحة مفاتيح تسهيلات الاستخدام في نظام Mac لإنشاء لوحات مخصصة للاختصارات شائعة الاستخدام (نسخ، لصق، تراجع، إلخ).
    • مكان الإيقاف (Parking Spot): ميزة طلبها براد، تسمح له “بإيقاف” المؤشر (عن طريق تحريكه إلى زاوية الشاشة) حتى لا يتداخل أثناء مشاهدة مقاطع الفيديو أو الراحة. كان هذا أمرًا حيويًا لأنه، على عكس المشاركين السابقين، لم يتمكن من استخدام الأوامر الصوتية لإيقافه مؤقتًا.
    • مساعد الدردشة بالذكاء الاصطناعي: لسد الفجوة بين سرعة التفكير وسرعة الكتابة، يستخدم براد تطبيق دردشة. يستمع التطبيق إلى المحادثات ويستخدم الذكاء الاصطناعي (الذي يشير إليه براد باستخدام ChatGPT ونسخة ذكاء اصطناعي مستنسخة من صوته) لإنشاء خيارات ردود ذات صلة بسرعة. ويشارك مثالًا مضحكًا حيث اقترح التطبيق إخبار صديق يبحث عن أفكار هدايا لصديقته التي تحب الخيول بأن “يحضر لها باقة من الجزر”.

فيديو برادفورد جي سميث حول تجربته مع نيورالينك

هذا على الأرجح أول فيديو في تاريخ البشرية يتم تحريره باستخدام شريحة دماغية مزروعة.

نيورالينك: الرؤية الأوسع والوضع الحالي

يتمثل الهدف الأسمى لنيورالينك في إنشاء واجهة دماغ وحاسوب عالية النطاق الترددي وآمنة وموثوقة. تأسست الشركة على يد إيلون ماسك، وتهدف في البداية إلى استعادة قدرات مثل التواصل والتحكم في البيئة للأفراد المصابين بشلل حاد. تمتد الطموحات طويلة الأمد إلى إمكانية معالجة العمى والصمم والاضطرابات العصبية الأخرى، وربما حتى تعزيز القدرات البشرية.

يتألف النظام من شريحة N1 المزروعة (الجهاز الموجود في الدماغ) والروبوت الجراحي R1 المصمم للزرع الدقيق بأقل تدخل جراحي ممكن. واجهت الشركة تدقيقًا بشأن بروتوكولات اختبارها على الحيوانات قبل الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإجراء التجارب البشرية، المعروفة باسم دراسة PRIME (واجهة الدماغ والحاسوب الدقيقة المزروعة بواسطة الروبوت)، والتي بدأت في عام 2023. كان نولاند أربو (Noland Arbaugh) أول مشارك معروف للعامة، حيث أظهر قدرته على اللعب والتحكم في الكمبيوتر في وقت سابق من عام 2024. وتضيف شهادة براد سميث طبقة أخرى حاسمة من التجربة البشرية لتطوير التكنولوجيا.

التأثير والمستقبل

تُعد قصة براد سميث مثالًا قويًا على إمكانات نيورالينك. فبعيدًا عن المواصفات التقنية، يتعلق الأمر باستعادة التواصل والاستقلالية والأمل. يتحدث بشكل مؤثر عن كيف منحتْه التكنولوجيا “الحرية والأمل والتواصل الأسرع”. وينظر إلى مشاركته، التي سهّلها انتقاله إلى ولاية أريزونا حيث أنشأت نيورالينك موقعًا، كجزء من خطة أكبر، مما يسمح له بالمساهمة في شيء يمكن أن يساعد الكثيرين غيره.

مع الاعتراف بأن “التصلب الجانبي الضموري لا يزال سيئًا حقًا”، يؤكد براد على التأثير الإيجابي على حياته – مما يمكّنه من العمل مع فريق نيورالينك، وتحسين قدرته على التفاعل، وتعزيز روابطه بزوجته تيفاني، التي ينسب لها الفضل كجزء أساسي من رحلته. تؤكد تجربته على الطبيعة التكرارية لتطوير واجهات الدماغ والحاسوب (BCI)، حيث تشكل ملاحظات المستخدمين بشكل مباشر ميزات مثل “مكان الإيقاف”.

تسلط رحلة براد سميث مع نيورالينك الضوء على الأهمية الشخصية العميقة لهذه التكنولوجيا الناشئة. وفي حين لا تزال هناك تحديات والطريق إلى التطبيق الواسع النطاق طويل، فإن تجربته تقدم مثالًا ملموسًا على كيف يمكن لواجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) أن تحسن بشكل كبير نوعية حياة الأفراد الذين يواجهون قيودًا جسدية شديدة، لتجسّر حقًا الفجوة بين العقل والآلة.

مصنف كـ News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *